لغة القالب
خيركم من تعلم القرآن وعلمه -- أهل القرآن هم أهل الله وخاصته -- القرآن يشفع لأهله يوم القيامة -- إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين

حفظ القرآن ومراحل جمعه وتدوينه - 2 | تابع المبحث (3)

دروس علوم القرآن

تابع المبحث الثالث:
حفظ القرآن ومراحل جمعه وتدوينه (2)

     ذكرنا في الدرس السابق أن القرآن مر بثلاث مراحل من الجمع في السطور، وقلنا أن أول جمعٍ له في السطور كان في عهد الرسول "صلى الله عليه وسلم".

أما الجمع الثاني للقرآن؛ فكان في عهد أبي بكر الصديق "رضي الله عنه":

    وكان هذا الجمع عبارة عن نقل القرآن من العُسُب، واللخاف، والرقاع، والعظام، التي كتبت بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وكتابته في مكان واحد مرتب الآيات والسور، مشتملاً على جميع أوجهه التي نزل بها.

* وكان الغرض من هذا الجمع: الاحتياط والمبالغة في حفظ هذا الكتاب العظيم؛ وذلك بسبب موت كثير من حُفَّاظ القرآن في معركة اليمامة، تجاوز عددهم السبعين.

* وقد كلف (أبو بكر الصديق) (زيدَ بن ثابت) "رضي الله عنهما" بهذه المهمة العظيمة؛ لأنه كان من أحسن الناس إسلامًا؛ فقد أسلم في الحادية عشرة من عمره؛ فترعرع في أحضان الإسلام وتأدب بآدابه، ولازم الرسول "صلى الله عليه وسلم" منذ صغره فأخذ الكثير والكثير من علمه ومحاسنه؛ فنشأ نشأة ربانية، وكان (زيد) من كُتَّاب الوحي؛ بل هو أول من كتب الوحي بين يدي رسول الله " صلى الله عليه وسلم"، وكان ممن شهد العرضة الأخيرة للقرآن.


طريقة (زيد) في جمع القرآن:

    كان يجمعه من صدور الرجال وصحفهم، ولا يُثبِت شيئًا في المصحف إلا ما كان محفوظًا في الصدور والسطور معًا، ولا يكتفي بأحدهما دون الآخر، وهذا ما اقتضته أمانته العلمية، وكان لا يقبل من أحد شيئًا من القرآن حتى يَشهد اثنان من حفاظ القرآن على ذلك.

    روى البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت "رضي الله عنه" أنه قال: 
(أرسل إليَّ أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" عنده، قال أبو بكر "رضي الله عنه": إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر (كثر واشتد) يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى إن استحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. 
قلت لعمر: كيف نفعل شيئًا لم يفعله رسول الله "صلى الله عليه وسلم"؟! قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. 
قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك؛ وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله "صلى الله عليه وسلم"؛ فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليَّ مما أمرني به في جمع القرآن، 
قلت كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله "صلى الله عليه وسلم"؟! قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر "رضي الله عنهما" فتتبعت القرآن، أجمعه من العسب، واللخاف، وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128]، حتى خاتمة براءة؛ فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر)).

هذا هو الجمع الثاني للقرآن، أما الجمع الثالث فسوف نتكلم عنه في الدرس القادم ونختم به المبحث إن شاء الله تعالى 
***
انتقل - التالي
انتقل - السابق
2/04/2019

من فضلك؛ اترك تعليقًا دعمًا للموقع وشكرًا جزيلاً

عدد المواضيع