شعبة بن عياش وروايته وطرقها - دروس شعبة | الدرس (1)
وُلِـدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ (95هـ)، وَعُمِّـرَ دَهْـرًا، وَكَانَ إِمَامًا، عَلَمًا، كَبِيرًا، عَالِمًـا، عَامِلًا، حُجَّـةً، مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، ((قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَرْوَزِيُّ - وَكَانَ ثِقَةً - قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ ابْنَ عَيَّاشٍ، فَقُلْتُ: قَدْ بَلَغَكَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي الْقُرْآنِ، فَمَا تَقُولُ فِيهِ؟، فَقَالَ: اسْمَعْ إِلَيَّ وَيْلَكَ! مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ زِنْدِيقٌ، عَدُوُّ اللَّهِ، لَا نُجَالِسُـهُ، وَلَا نُكَلِّمُـهُ)).[1]
تُوُفِّـيَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي جُمَادَى الْأُولَى، سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ (193هـ)، وَلَمَّـا حَضَـرَتْـهُ الْوَفَـاةُ بَكَتْ أُخْتُـهُ؛ فَقَالَ لَهَـا: مَـا يُبْكِيـكِ؟! انْظُـرِي إِلَـى تِلْكَ الزَّاوِيَـةِ، فَقَـدْ خَتَمْـتُ فِيهَا ثَمَانِ عَشْـرَةَ أَلْـفَ خَتْمَـةٍ.[2]
*******
ب) رِوَايَتُـهُ:
أَوَّلاً: تَقْسِيمُ الرِّوَايَـةِ إِلَى: (أُصُـولٍ ، وَفَـرْشٍ):
فالأُصولُ:
هِيَ الْكَلِمَاتُ الَّتِـي اخْتَلَفَ فِيهَا الْقُـرَّاءُ، وَانْدَرَجَتْ تَحْتَ قَوَاعِـدَ كُلِّـيَّـةٍ.كَالْمُدُودِ، وَالْإِدْغَامِ، وَالْإِمَالَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَوَاعِدَ وَأَبْوَابِ التَّجْوِيـدِ.
وَالْفَـرْشُ:- وَيُسَمَّى بِـ" فَـرْشِ الْحُـرُوفِ"-:
وَهُوَ الْكَلِمَاتُ الَّتِـي اخْتَلَفَ فِيهَا الْقُـرَّاءُ، وَلَمْ تَنْدَرِجْ تَحْتَ قَوَاعِـدَ كُلِّـيَّـةٍ.
مِثْلُ: كَلِمَةِ {بُيُوتٍ}، فَإِنَّ الْبَاءَ مَضْمُومَةٌ لِحَفْصٍ. أَمَّا شُعْبَةُ فَقَدْ قَرَأَهَا بِكَسْـرِ الْبَاءِ {بِيُوتٍ}؛ فَالضَّمُّ وَالْكَسْـرُ لَا يَنْدَرِجَـانِ تَحْـتَ قَوَاعَـدَ كُلِّـيَّــةٍ.
وَسُمِّيَتِ الْكَلِمَاتُ الْخِلَافِيَّةُ (فَرْشًا)؛ لِانْفِرَاشِهَا وَانْتِشَارِهَـا فِي مَوَاضِعِهَـا مِنْ سُـوَرِ الْقُـرْآنِ.
أَمَّا مَعْنَى (الْحُرُوفِ)؛ فالحرف هو: (الْقِرَاءَةُ)، يُقَالُ: حَرْفُ عَاصِمٍ، أَيْ: قِرَاءَتُهُ؛ فَالْحَرْفُ هُوَ الَّذِي يُسَمَّى فَرْشًا عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ.[3]
ثَانِيًا: مَسْأَلَةُ جَرَيَانِ الْحُكْمِ عَلَى جَمِيعِ نَظَائِـرِهِ:
إِنَّ جَرَيَانَ الْحُكْمِ عَلَى جَمِيعِ نَظَائِرِهِ لَيْسَ ضَابِطًا دَقِيقًا لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأُصُولِ وَالْفَرْشِ؛ فَقَدْ وُجِدَ فِي الْأُصُولِ مَنْ لَمْ يَجْـرِ عَلَى جَمِيعِ نَظَائِرِهِ، كَكَلِمَةِ {أَعْمَى} ، فَإِنَّ شُعْبَةَ يَقْرَأُ الْمِيمَ بِالْإِمَالَةِ فِـي مَوْضِعَيِ الْإِسْـرَاءِ فَقَطْ، أَمَّا بَاقِي الْمَوَاضِعِ فِيَقْرَؤُهَا بِالْفَتْحِ دُونَ إِمَالَـةٍ، وَالْكَلِمَةُ مَعَ ذَلِكَ أُصُولِيَّـةٌ.
كَذَلِكَ وُجِدَ فِي الْفَرْشِ مَنْ قَدْ جَرَى عَلَى جَمِيعِ نَظَائِـرِهِ، كَكَلِمَةِ {خُطْوَاتِ}، فَإِنَّ شُعْبَةَ سَكَّنَ الطَّاءَ فِي كُلِّ مَوَاضِعِهَا فِي الْقُرْآنِ، وَالْكَلِمَةُ مَعَ ذَلِكَ فَرْشِيَّـةٌ.
وَعَلَيْهِ؛ فَالتَّفْرِيقُ الدَّقِيقُ بَيْنَهُمَا يَكُونُ بِاعْتِبَارِ انْدِرَاجِ الْكَلِمَةِ ضِمْنَ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ مِنْ عَدَمِهِ، أَمَّا التَّفْرِيقُ بِاعْتِبَارِ الْجَرَيَانِ؛ فَقالوه عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ فِيهِمَـا. "وَاللَّهُ أَعْلَمُ".
يتبع إن شاء الله تعالى ....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] "الشَّـرِيعَةُ" لِلْآجُرِّيِّ (1/499)، ط2 - دَار الْوَطَن، " السُّنَّةُ" لِلْخَلَّالِ (7/44)، دَار الرَّايَـةِ، "سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ" لِلذَّهَبِيِّ (8/499)، ط3 - دَار الرِّسَالَةِ.
[2] "النَّشْـرُ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْـرِ" (1/156) لِابْنِ الْجَزَرِيِّ. بِتَحْقِيقِ الْعَلَّامَةِ/ الضَّبَّاعِ.
[3] "الْوَافِـي فِي شَـرْحِ الشَّاطِبِيَّـةِ" لِلْقَاضِـي. بِتَصَـرُّفٍ.
[2] "النَّشْـرُ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْـرِ" (1/156) لِابْنِ الْجَزَرِيِّ. بِتَحْقِيقِ الْعَلَّامَةِ/ الضَّبَّاعِ.
[3] "الْوَافِـي فِي شَـرْحِ الشَّاطِبِيَّـةِ" لِلْقَاضِـي. بِتَصَـرُّفٍ.
4/21/2017
لا تنسونا من صالح دعائكم
ردحذف