لغة القالب
خيركم من تعلم القرآن وعلمه -- أهل القرآن هم أهل الله وخاصته -- القرآن يشفع لأهله يوم القيامة -- إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين

وجوب الحفاظ على اللغة العربية | قضية بقاء وهوية (1)

وجوب الحفاظ على اللغة العربية

وجوب الحفاظ على اللغة العربية - قضية بقاء وهوية (1)

     اللغة العربية الفصحى هي المفتاح الذهبي إلى الثقافة الإسلامية والعربية؛ فهي تتيح لمتعلمها الاطلاع على كمٍ حضاريٍ وفكريٍ هائل لأُمَّة تربّعت على عرش الدنيا منذ عدة قرون، وقدمت إرثًا حضاريًّا ضخمًا في مختلف الفنون وشتى العلوم، وما زالت تقدم المزيد.

    واللغة العربية الفصحى هي اللغة التي اختارها الله تعالى لينزل بها كتابه الخالد "القرآن العظيم"، والذي ختم به وحي السماء إلى الأرض، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، نَـزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}[الشعراء: 192 - 195]، وقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْءانًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [سورة يوسف: 2]؛ وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس؛ فلهذا أُنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات، ويدل ذلك على أنَّ سائر اللغات أقل من اللغة العربية بيانًا.

المصحف الشريف

    وفي عظم وجمال اللغة العربية الفصحى يقول (عبد الله بن سنان الخفاجي المتوفى سنة 466هـ)، في كتابه "سر الفصاحة": ((وقد خبرني أبو داود المطران - وهو عارف باللغتين العربية والسريانية - أنه إذا نقلَ الألفاظ الحسنة إلى السرياني، قبُحت وخسَّت، وإذا نُقل الكلام المختار من السرياني إلى العربي، ازداد طلاوةً وحُسنًا)).

    وتتجلى أهمية اللغة العربية الفصحى ووجوب الحفاظ عليها في أنه لا يمكن فهمُ الإسلام إلا بفهمها أولاً؛ فهي السبيل الوحيد للوصولِ إلى القرآن الكريم والسنّة النبوية المشرفة؛ وبذلك يكون للعربية الفصحى ارتباط وثيق بالإسلام؛ بل هي جزء منه، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين عمرُ بن الخطاب "رضي الله عنه": ((تعلَّموا العربيةَ؛ فإنها من دينِكم))، وكتب أيضًا إلى أبي موسى الأشعري "رضي الله عنه"؛ فقال: ((أمَّا بعد: فتفقهوا في السُّنةِ، وتفقهوا في العربية، وأَعْرِبُوا القرآنَ فإنه عربي)).

[يُنظر كتاب: "مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب" لأبي بكر الكرمي الحنبلي - المتوفى سنة (1023هـ)]

  👈 ولذلك فإن الحكم الشرعي في مسألة الحفاظ على اللغة العربية هو (الوجوب الكفائي) على الأمة الإسلامية، بحيث إذا قام به البعض الكافي لحفظها؛ سقط الإثم عن الباقين.

يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله: ((فإن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب؛ فإنَّ فهم الكتاب والسُّنة فرض، ولا يُفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية ...)).

ويقول الإمام الزركشي في البحر المحيط: ((تعلم اللغة فرض كفاية)). 

ويقول الإمام السيوطي׃ ((ولا شكَّ أنَّ علم اللغة من الدين؛ لأنه من الفروضِ الكفايات، وبه تُعرفُ معاني ألفاظ القرآن والسنة)).

هذا الحكم بالنسبة لعموم الأمة. 

   أما بالنسبة للأعيان (أي على كل شخص بعينه): فلا يجب على كل مسلم تعلمها كلغة، وإنما يجب على المسلم أن يتعلم من اللغة العربية ما يؤدي به ما افترضه الله عليه في الصلاة من القراءة والأذكار. 
قال الإمام الشافعي: ((يجب على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما يبلغ جهده في أداء فرضه)). 

رجل عربي

    كذلك اللغة العربية الفصحى تربط أقطار الأمة الإسلامية والعربية ببعضها البعض؛ فهي بالنسبة للعرب والمسلمين قضية بقاء وهوية؛ فأعداؤنا يريدون تحريف لغتنا وتضييع معالمها؛ حتى يتسنى لهم تفتيت الأمة العربية والإسلامية في المستقبل؛ فاندثار اللغات يعقبه تفتيت للأمم، ثُم اندثارها كليًّا فيما بعد؛ فها هي (فرنسا) تفرض غرامة "ألفي فرنك" فرنسي على كل من يستخدم كلمة أجنبية واحدة يوجد لها مرادف في اللغة الفرنسية؛ ذلك لأنهم يدركون خطورة اندثار لغتهم.

كتاب

يقول مصطفى صادق الرافعي في كتابه "وحي القلم": 
((ما ذلَّت لغةُ شعبٍ إلاَّ ذلَّ، ولا انحطَّت إلاَّ كان أمرُه في ذَهابٍ وإدبارٍ، ومِن هذا يَفرضُ الأجنبيُّ المستعمِرُ لغتَه فرضًا على الأمَّةِ المستعمَرة، ويَرْكبهم بها، ويُشعرهم عظمتَه فيها، ويستلحِقهم من ناحيتِها، فيحكم عليهم أحكامًا ثلاثةً في عملٍ واحدٍ؛ أمَّا الأول: فحَبْس لغتهم في لغته سِجنًا مؤبَّدًا، وأمَّا الثاني: فالحكمُ على ماضيهم بالقتلِ محوًا ونِسْيانًا، وأمَّا الثالث: فتقييد مستقبلِهم في الأغلالِ التي يصنعُها، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ)). 

    فيجب علينا جميعًا أن نحافظ على هذه اللغة العريقة، لغة القرآن الكريم، وأن نعلمها لأبنائنا ونعظمها في قلوبهم، ونوصيهم بالحفاظ عليها في أقوالهم وكتاباتهم.

    وفي ختام هذا اللقاء: علينا أن نعيد حساباتنا تجاه اللغة العربية الفصحى، وأن نغير منظورنا تجاهها، فلا نعتبرها مادة (نجاح ورسوب) في المدارس والجامعات؛ بل يجب علينا أن نتعامل معها كالوطن الذي يجب حمايته والدفاع عنه، وأن نبدأ بالقراءة في المعاجم اللغوية -ولو قراءة صفحة واحدة يوميَّا-؛ حتى نصحح أخطاءنا، ونزيد محصلتنا اللغوية بكلمات جديدة ومرادفاتها، ونقوم باستخدامها في مُحادثاتِنا مع الآخرين، وفي كتابة الخطابات والمنشورات على صفحاتنا، وكذلك في التعليقات.
معاجم اللغة
   ويمكنك البدء بالقراءة في (المعجم الوجيز)، فهو سهل ميسور، وهو مختصر من (المعجم الوسيط)، كما يمكنك الاستعانة بموقع (المعاني) لمعرفة معاني الكلمات.

وللحديث بقية حتى لا نطيل عليكم؛ فانتظرونا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

آخر تحديث للموضوع
 الجمعة: 18 رمضان 1442هـ
الموافق: 30 أبريل 2021م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للاستزادة قم بزيارة هذه الصفحات: 
4/28/2021

من فضلك؛ اترك تعليقًا دعمًا للموقع وشكرًا جزيلاً

عدد المواضيع